الذاكرة و التركيز، عنصرين أساسيين
ما هو مفهوم الذاكرة؟
الذاكرة و التركيز هي إحدى قدرات الدماغ على اكتساب أو تخزين أو تجديد المعلومات أو التجارب الحية التي تدخل نظامنا العصبي عن طريق بعض المسارات الحسية. تدرس الذاكرة في حقول علم النفس الإدراكي و علم الأعصاب. وهناك عدة تصنيفات للذاكرة بناء على مدتها، طبيعتها و استرجاعها للحالات الشعورية.
كيف تعمل الذاكرة؟
يتم تحديد عمل الذاكرة من خلال سلسلة من العمليات أو المراحل التي يجب تنفيذها بطريقة منظمة، من خلال هياكل الدماغ المختلفة مثل المخيخ و الحصين. الناقل العصبي الرئيسي الذي يشارك في عملية “الحفظ” هو أستيل كولين. تعتمد عملية الحفظ على نوع المعلومات و تنظيمها و سعة التخزين و المثابرة. و تنقسم آلية عمل الذاكرة إلى ثلاث مراحل معقدة و غير متجانسة:
- التسجيل و الترميز: بعد انتهاء دور الانتباه استقبال المعلومات، جمعها و معالجتها، يبدأ دور الترميز و هو عملية تحويل المعلومات/الإشارات القادمة من أعضاء الحس إلى صيغة يستطيع المخ التعامل معها و بالتالي تخزينها.
- التخزين: فيه تنشئ الذاكرة سجلاًّ دائمًا للمعلومات المُرَمَّزة. مدة التخزين قد تكون قصيرة (ثلاثين ثانية) أو طويلة.
- الاسترجاع: استرداد أو استرجاع المعلومات المختزنة بالذاكرة، كنوع من الاستجابة لفعل أو نشاط محدد.
أنواع الذاكرة البشرية
الذاكرة هي المحور الرئيسي للتعلم و التذكر. كما ذكرنا سابقا، يمكن أن تبقى الذكريات ثواني معدودة أو مدة غير محدودة حسب نوع الذاكرة التي يمكن تصنيفها إلى قسمين:
ذاكرة قصيرة المدى
تسمى أيضا بالذاكرة الفورية أو التشغيلية. لها القدرة على الاحتفاظ بتجربة ما في الاعتبار لبضع ثوان. ترتبط ارتباطًا وثيقًا التجارب الحسية للبصر، السمع و اللمس. يتطلب هذا النوع من الذاكرة التكرار المستمر للمحفز الذي أنتجه، و يسمح لنا بتنفيذ الوظائف الأساسية و الفورية، على سبيل المثال، الاحتفاظ برقم الهاتف عندما تمليه عليك.
ذاكرة طويلة المدى
هذا النوع من الذاكرة هو النظام الذي يتم من خلاله تخزين المعلومات، كونها غير نشطة مسبقًا، و لكن يمكن للشخص استردادها حسب الحاجة. ومن الأمثلة على ذلك تذكر التواريخ و الأسماء و الأشخاص و الصور و ما إلى ذلك. عملية التعلم تحدث في هذا النوع من الذاكرة، و هذا هو السبب في أن تطورها معقد للغاية. تنقسم إلى نوعين:
- الذاكرة التصريحية: تُعرف بالقدرة على جلب حقائق أو حلقات معينة من حياتنا للوعي (إنها “ماذا”). يُعرف هذا النوع باسم “الذاكرة اليومية” و له حد تخزين عالٍ.
- الذاكرة غير التصريحية أو الضمنية: في هذا النوع من الذاكرة لا توجد ذاكرة واعية (إنها “كيف”)، و تتضمن تجارب سابقة تساعدنا في تنفيذ مهمة “تلقائيًا”.
فقدان الذاكرة
فقدان الذاكرة هو عدم القدرة على التعرف على المعلومات المكتسبة سابقًا. هذا “الخلل” الظاهر في بعض الأحيان يتعلق فقط بآلية إعادة تعديل الدماغ لتجنب تشبع المعلومات غير ذات الصلة. إذا كان هذا صحيحًا، فإن قدرتنا على التذكر تتناقص تدريجياً بمرور الوقت.
علامات التحذير من فقدان الذاكرة
بعض علامات فقدان الذاكرة التي قد تنبهك إلى الحاجة إلى التماس العناية الطبية هي: الارتباك العقلي و قلة الانتباه، أعراض الاكتئاب (في بعض الحالات مع التفكير في الانتحار)، الدوخة، مشاكل في الكلام، الصداع، الضعف البصري و اللامبالاة.
أسباب فقدان الذاكرة
هناك أسباب مختلفة تؤدي إلى تقليل سعة الذاكرة:
- الشيخوخة: مع تقدمنا في السن، يحدث انخفاض فسيولوجي في وظائف المخ. ما يعني أنه يجب على الأشخاص بذل جهد أكبر لاستعادة الأحداث أو الذكريات.
- ضعف إدراكي معتدل: هو تغيير يحدث في الذاكرة، أكبر من ذلك المقابل للعمر و لكنه أقل من حالات الخرف.
- الخرف: في هذه الحالات، يتسم فقدان الذاكرة بـ “محو كلي” لحدث ما و ليس التفاصيل فقط، مما يؤدي إلى اختلال وظيفي حاد في الوظائف الإدراكية.
- التغيرات العاطفية (الاكتئاب، القلق، إلخ): في هذه الاضطرابات، يتأثر الانتباه أو التركيز و الذاكرة قصيرة المدى بشكل أساسي.
- آخرون: قصور الغدة الدرقية، إصابات الرأس، السكتة الدماغية، نقص فيتامين ب 12، إلخ.
قلة التركيز الذهني
التركيز الذهني هو أعلى درجات الانتباه، و هو قدرة المرء على تجاهل جميع الأمور التي من شأنها أن تشتت أفكاره، و بالتالي تركيزه على الأمور الهامة فقط. أذهاننا على أشياء محددة دون تشتيت انتباهنا بواسطة محفزات أخرى.
أسباب قلة التركيز عند الشباب
تشير دراسات وبائية مختلفة إلى أن اضطرابات الذاكرة و الانتباه والتركيز شائعة جدًا في مرحلة البلوغ، و لكن يمكن أن تحدث أيضًا عند الشباب. وثقت دراسة كبيرة عن طريق البريد، في إسبانيا، ارتفاع معدل انتشار النسيان الذاتي لدى الشباب (29٪) و متوسطي العمر (34٪).
غالبًا ما يرتبط قلة التركيز أو فقدان الذاكرة لدى الشباب بالمزاج (اختلال المزاج) أو التوتر. على سبيل المثال، أظهرت دراسة نفسية عصبية أجريت على الشباب بعض أسباب الشكاوى المتعلقة بالذاكرة، مثل:
- التغيرات البيئية مثل زيادة الطلب في العمل، زيادة المسؤوليات، الانتقال، وما إلى ذلك.
- الضغوطات الحادة التي قد تضعف الذاكرة، مثل الطلاق أو الوفاة في الأسرة.
- العمليات المرضية أو العلاجات الدوائية التي تعدل استقلاب الكاتيكولامينات (أستيل كولين).
تمارين للذاكرة و التركيز
لقد سمعنا دائمًا أن “الدماغ عبارة عن عضلة تحتاج إلى التمرين”… و هذا صحيح تمامًا. لهذا السبب، تكرس المنظمات الصحية المختلفة و الجمعيات الطبية و المنظمات غير الحكومية، من بين آخرين، جزءًا كبيرًا من عملها لتصميم تدابير فعالة للحفاظ على الوظيفة المعرفية، و خاصة الذاكرة. تحدد الذاكرة من نحن و تسمح لنا بتعلم كيفية التفاعل مع المواقف و التكيف معها. لهذا السبب، فإن أداء التمارين الذهنية يعدل و يخلق روابط جديدة في الدماغ.
كيف يمكنني تدريب الذاكرة؟
هناك طرق مختلفة لتدريب الذاكرة، و هي صالحة لأي عمر. تشمل التوصيات العامة: ممارسة الرياضة البدنية، الحفاظ على نظام غذائي صحي، الراحة و الحصول على قسط كافٍ من النوم، عدم التدخين، المشاركة في الأنشطة الاجتماعية أو تجنب مستويات عالية من التوتر. من بين التمارين لتمرين دماغنا ما يلي:
- ألعاب الورق أو الألغاز: تعزز التركيز و تشجع الصبر و تقلل من القلق.
- ربط الأحداث مع التواريخ و الصور بالاستخدامات.
- تصحيح كلمات معينة نحويًا.
- تدرب على المتضادات و المرادفات.
- تدرب على الموقع المكاني من خلال الصور … إلخ.
أغذية للذاكرة و التركيز
من بين الأطعمة التي يُقترح تناولها بانتظام للحفاظ على ذاكرة جيدة، هناك أربع مجموعات كبيرة:
- أوميغا: لقد ثبت أنها مفتاح الذاكرة، خاصة حمض الدوكوساهيكسانويك و حمض اللينولينيك. مصادره هي الأسماك و المكسرات و الزيوت النباتية مثل الزيتون و فول الصويا و الكانولا.
- مضادات الأكسدة: الإجهاد التأكسدي يؤثر سلبًا على الوظيفة الإدراكية و الذاكرة. تعتبر المصادر النباتية من المصادر الممتازة لمضادات الأكسدة مثل الفاكهة الحمراء و العنب و الطماطم و المكسرات و السمسم و الزيوت النباتية و الشاي الأخضر، و إلى حد كبير، الخضار الورقية الخضراء.
- الأحماض الأمينية: هي جزء مما يسمى بالناقلات العصبية المسؤولة عن استجابات الدماغ، بما في ذلك الذاكرة. أحدها، سيرين، يساهم في إنتاج الأسيتيل كولين، و يوجد في: اللحوم، الأسماك، منتجات الألبان، البيض، الفاصوليا، الفول، العدس والبقوليات…
- الكولين: هو جزء من أستيل كولين و هو مهم لعمليات الذاكرة. يمكنك العثور على مادة الكولين في: اللحوم، البيض، الدواجن، منتجات الألبان، البطاطس، الخضروات الصليبية (مثل القرنبيط)، المكسرات، البذور و الحبوب الكاملة.
فيتامينات للذاكرة و التركيز
تشارك الفيتامينات في الوظائف الإدراكية. على وجه التحديد، تسهل فيتامينات ب الوصلات العصبية، إنتاج الناقلات العصبية، و كذلك التمثيل الغذائي الطبيعي للدماغ، مع فيتامين B6 ،B12 و حمض الفوليك (B9) يبرز في هذا الصدد.
المصادر الغذائية حيث يمكنك العثور على مجموعة فيتامينات ب هي: اللحوم، اللحوم العضوية، الدواجن، الأسماك، البيض، منتجات الألبان، البقوليات، الخضروات (الأفوكادو، البطاطس، البروكلي و البطاطا الحلوة) و الخضروات مثل السبانخ والفطر والحبوب الكاملة والفواكه جافة.
فيتامين C و فيتامين E يعززان أيضًا رفاهية بنية الدماغ. يمكن العثور عليها بشكل رئيسي في الحمضيات والفواكه المجففة، على التوالي. و بالمثل، هناك مكملات غذائية إما في صورة سائلة أو في كبسولات و هي أيضًا مصادر مساعدة لتناول الفيتامينات B و C و E.
مكملات الذاكرة و التركيز للطلاب
إلى جانب اتباع نظام غذائي متوازن و نمط حياة صحي، يمكن أن تساعد المكملات الغذائية في استكمال النظام الغذائي للشباب البالغ، مثل الطلاب. كما ناقشنا، فإن أحد أسباب “فشل” الذاكرة هو الظروف المجهدة و قلة النوم. جانبان يمكن أن يحدثا بشكل متكرر خلال الحياة الطلابية.
لهذا هو السبب، إلى جانب التدابير العامة المذكورة أعلاه، يمكن استكمال النظام الغذائي الجيد بمكونات مثل مجموعة فيتامينات ب، الفوسفوليبيدات التي تحتوي على الكولين، السيرين، الأوميغا، الجينسنغ و الفيتامينات C و E.